توضيح بشأن قصة بناء جامع الشيخ ابن باز ” رحمه الله ” في مكة
توضيح بشأن قصة بناء جامع الشيخ ابن باز " رحمه الله " في مكة
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ..
وبعد :
فقد وردنا في مؤسسة الشيخ عبدالعزيز بن باز الخيرية تساؤلات من بعض الفضلاء بشأن طلب إيضاح الرواية الصحيحة لقصة بناء جامع شيخنا سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز "رحمه الله" في مكة ..
ونفيد بأن القصة معلومة ومعروفة لدينا أبناء الشيخ و مثبته في بعض المؤلفات في سيرة سماحته "رحمه الله" مثل كتاب) جوانب من سيرة الإمام عبدالعزيز بن باز "رحمه الله" ) ، وغيره الذي توزعه المؤسسة ، وتتيحه على موقعها على الإنترنت ، والكتاب هو رواية عضو اللجنة العلمية في المؤسسة الشيخ محمد بن موسى "رحمه الله" وهو مدير مكتب سماحة الشيخ "رحمه الله" ، وملخّص القصة أن أرض جامع الشيخ ابن باز بمكة بالعزيزية كانت حديقة .. واقترح بعض الفضلاء على سماحة الشيخ "رحمه الله" أن تكون جامعاً للمسلمين .. وتم المقصود بحمد الله ، بتعاون بعض المسؤولين الفضلاء ، ودعم من خادم الحرمين الملك فهد "رحمه الله" والأمير عبدالعزيز بن فهد "حفظه الله" ، ودعمٍ كذلك من بعض رجال الأعمال .
وموجب التوضيح أن القصص والروايات عن سماحة شيخنا "رحمه الله" يحصل فيها كما يحصل في غيرها تعدد الروايات ، وإمكان اشتمال بعض الروايات على شيء من الوهم في بعض التفاصيل ، أو الخلط بين أكثر من قصة ، لكن قصة بناء جامع الشيخ ابن باز في مكة أصلها صحيح ، وقد تفضل أحد الدعاة الفضلاء من طلاب الشيخ ومحبيه "رحمه الله" وهو الشيخ الدكتور / بدر بن نادر المشاري برواية القصة في سياق ثنائه المتواصل على الشيخ "رحمه الله" في إحدى الوسائل الإعلامية ، وأورد الرواية التي كان قد سمعها فضيلته ـ كما سمعها غيره ـ من أحد الوجهاء الفضلاء المعروفين بمحبتهم للشيخ وقربهم منه ، وكان في رواية ذلك الوجيه "رحمه الله" بعض التفاصيل التي لم تكن دقيقة ولم تصح ، وقد روى غير الشيخ بدر هذه القصة بنفس الرواية عن هذا الوجيه "رحمه الله" ، واللبس الذي حصل في القصة لا نشك بأنه وقع بنية حسنة في سياق الثناء على الشيخ وعلى رجال الأعمال الفضلاء في بلادنا المباركة وغيرها ، وقد صحح الشيخ الدكتور / بدر المشاري مشكوراً الرواية في اللقاء اللاحق في القناة ذاتها بعد أيام بعد أن بلغه التصحيح ، فنسأل الله تعالى أن يثيبه على حرصه على نشر الذكر الحسن لشيخنا "رحمه الله" ، ونشكره أيضاً على حرصه على التصحيح الفوري لما يتطلب التصحيح لما عرف عنه ـ ولا نزكيه على الله ـ من حرصه على التمسك بمنهج سماحة الشيخ في التوضيح والتصحيح ، وهو منهج أهل الفضل وطلاب العلم .
ولمزيد من الإيضاح ، فإننا نذكر القصة بتفاصيلها كما أوردها الشيخ محمد بن موسى "رحمه الله" في سياق حديثه عن المساجد والجوامع التي بناها الشيخ ابن باز "رحمه الله" ، حيث قال : (.. ولعل من آخر تلك المساجد وليس آخرها : مسجده الذي أقيم في مكة المكرمة، وأصبح معلماً بارزاً من معالمها، ذلك المسجد الذي بذل فيه سماحته جهداً كبيراً حتى قام واستوى على سوقه ، وإليك قصة بنائه، والدور الذي قام به المسجد فيما بعد .
كان سماحة الشيخ إذا كان في مكة يذهب كل وقت صلاة إلى المسجد المجاور للتوعية الإسلامية، ويسمى ذلك المسجد ( مسجد القطان ) ، وكان أمام منزل سماحته حديقة تسمى ( حديقة الطفل )، ولا يستفاد منها، ولا يوجد مسجد في تلك الجهة ، وقد استأجرت الرئاسة عمارة كبيرة للدعاة في جوار منزله وقت الحج ، وكانوا إذا أرادوا الصلاة في المسجد قطعوا الشارع العام إلى مسجد القطان، أو إلى مسجد الجامع القطري، وهذان المسجدان بعيدان، وأهل الحي الذي يسكن فيه سماحته ليس عندهم مسجد قريب ، فأُخْبِرَ سماحتُه بحاجة الحي إلى مسجد، وبالمشقة المترتبة على بعد المسجد، وبالخطر المتوقع من تجاوز الشارع العام شارع العزيزية، وأُخْبِر أن الحديقة التي أمام منزله قليلة الجدوى، وقيل له: لو أن سماحتكم سعى في سبيل عمارة مسجد في مكان تلك الحديقة لخدمة الحي لأراح الناس، وأعانهم على الصلاة في المسجد، ونأى بهم عن الخطر الذي يترتب على قطع الشارع العام .
ولما بلغ ذلك سماحته استحسن الفكرة، وأمر بتكوين لجنة من بعض المشايخ للوقوف على الحديقة المذكورة، واقتراح المساحة الكافية، والكتابة في هذا الشأن ، فوقفت اللجنة على الأمر، وقررت ما تراه؛ فكتب سماحته إلى معالي أمين العاصمة المقدسة المهندس / عمر قاضي في موضوع اقتطاع جزء من الحديقة، فتجاوب_جزاه الله خيراً_كل التجاوب، ولبى الرغبة، فبدأت دراسة المشروع المتضمن إقامة المسجد، وبيتي المؤذن والإمام، وتمت الدراسة بواسطة المهندسين المعماريين، وساهم في ذلك كثير من المحسنين ببعض المال، وكتب سماحته إلى خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد، وتم بناء المسجد والبيتين وصار معلماً من معالم مكة وذلك عام 1418هـ ، والمسجد يتكون من دور أرضي، وسفلي ودور ثانٍ خصص للنساء، وأقيمت فيه الحلقات لتحفيظ القرآن الكريم، ووضع فيه مكتبة عامرة باسم سماحته، وصار المسجد عامراً بالمحاضرات، والدروس اليومية والأسبوعية، وانتفع به سكان الحي وغيرهم، وانتفع به الحجاج والمعتمرون في موسم الحج وفي رمضان؛ لتوافر دورات المياه فيه، ووجود المياه المبردة ، وفي رمضان يوجد فيه مائدة إفطار للصائمين، حيث يتجمع فيه المئات من الناس ، والذي يتولى شؤون المسجد، ويقوم بكل ما يحتاج إليه صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور / ناصر بن مسفر الزهراني الذي صار إماماً وخطيباً للمسجد، وهو الوكيل عن سماحة الشيخ في جميع ما يحتاجه المسجد، وهو من أعظم الأسباب التي جعلت المسجد يقوم على هذا النحو؛ حيث تابع المشروع منذ بدايته إلى أن انتهى، ولا يزال يتابع تحسينه، وإكماله، وسد حاجاته ، وقد قام بجهد مشكور، وعمل عظيم يشهد بذلك المشايخ، وأهل الحي ممن وقفوا على المشروع، وتابعوا مراحل إنشائه .
وفي عام 1419هـ ذكر الدكتور / ناصر الزهراني لسماحة الشيخ أنه يوجد أرض جنوبي المسجد، واقترح أن يقام عليها عمارة باسم سماحة الشيخ تضم مكتبة عامة باسم سماحته، ومغسلة موتى، ومدرسة تحفيظ قرآن، وهذه العمارة تتكون من أحد عشر دوراً، وريعها يصرف على الفقراء والمساكين، والدعاة، ونحوهم ، فرحّب سماحته بهذا الاقتراح، وخاطب الجهات المسؤولة، وصار الدكتور ناصر يتابع المعاملة ، وبعد ذلك تمت الموافقة، فأمر سماحة الشيخ الدكتور ناصراً أن يعرض مناقصة المشروع على أهل الاختصاص من المقاولين، وتمت التقديرات، وتبين أن أقلها ثلاثة عشر مليوناً وثلاثمائة ألف ريال تقريباً، فرفع سماحته إلى خادم الحرمين الشريفين بواسطة الأمير / عبدالعزيز بن فهد " حفظهما الله وجزاهما خير الجزاء" [رحم الله الملك فهد وحفظ الأمير عبدالعزيز بن فهد] ، فتبرع خادم الحرمين بالمبلغ المذكور، وبدأ العمل في حياة سماحته ، وقد سمعت سماحة الشيخ يثني على الشيخ ناصر خيراً، ويقول: لولا الله ثم الشيخ ناصر ما وصل المسجد إلى هذا الوضع الذي هو عليه الآن ، ضاعف الله أجر كل من ساهم بذلك المشروع وجعله في ميزان حسناتهم؛ إنه جواد كريم ) أ . هـ (جوانب من سيرة الإمام عبدالعزيز بن باز/ص361-363 (.
ومؤسسة الشيخ عبدالعزيز بن باز الخيرية بوصفها الممثل الشرعي والقانوني لسماحته "رحمه الله" ، والوكيل الشرعي عن ورثته على إرثه العلمي ، وهي تشرف بسماحة مفتي عام المملكة الشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ "حفظه الله" مشرفاً عاماً على نشاطها العلمي ، وبعضوية كبار طلاب الشيخ الذين كانوا يقرأون عليه في دروسه ، تهيب بطلبة العلم وغيرهم ، ومحبي الشيخ من جهات أو أفراد ، وتؤكد عليهم عدم التسرّع بإعلان أو نشر أو اتخاذ مواقف فيما يتعلق بحقوق سماحة الشيخ "رحمه الله" العلميّة أو الأدبيّة ، دون الرجوع إليها ، ومؤسسة الشيخ "رحمه الله" وأسرته لهم طريقتهم حال ما يستدعي التدخل ؛ بالتواصل الشخصي الناصح مع صاحب الشأن ، وتزويده بالمعلومة التي تساعده على التصحيح ، أو حسب ما يقتضيه الحال ، وفق منهج سماحته "رحمه الله" في النصح واللين وإحسان الظن بالمؤمنين ، وهي لم تفوّض أحداً بالحديث نيابة عنها أو تمثيلها أمام العموم أو وسائل الإعلام .
كما إن المؤسسة تطمئن محبي الشيخ "رحمه الله" بأن لديها ــ بفضل الله تعالى ــ قاعدة معلومات موسّعة بكل ما له تعلق بالشيخ مما صدر منه أو قيل عنه من المواد المقروءة والمسموعة والمرئية ، ولديها موسوعة صوتية إلكترونية ، تضم خمسة آلاف ساعة صوتية مفرغة ، وقد أنتجت ووزعت مجاناً العديد من الشروحات والمواد المفرغة والكتب بإشراف سماحة المفتي العام للملكة الشيخ / عبدالعزيز آل الشيخ ــ المشرف العام على النشاط العلمي للمؤسسة ــ ، و هذه المنتجات وغيرها ستكون متاحة ــ بإذن الله تعالى ــ بشكل أيسر وأوسع في النسخة المطوّرة لموقع الشيخ الإلكتروني الجاري تحديثه "بعون الله تعالى" ، والمؤسسة تشكر أصحاب الفضيلة أعضاء لجنتها العلمية ، وتشكر كل طلبة العلم ، وكل الفضلاء الذين يسهمون على الدوام في إثراء هذه الموسوعة ، وترحّب على الدوام بخدمة الباحثين وكل من يسعى لنشر علم الشيخ "رحمه الله" ومآثره ،أو التوثق مما أثر عنه أو نسب إليه ، نسأل الله تعالى أن يرفع منزلته في أعالي الجنان ، وأن يجمعنا به والقارئ الكريم في دار كرامته ، ومستقر رحمته ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
مؤسسة الشيخ عبدالعزيز بن باز الخيرية
الأمين العام / د. أحمد بن عبدالعزيز بن باز
الجمعة 20/4/1437هــ